ويستمر الرئيس الأمريكي الحديث عن خطته تلك لتهجير سكان قطاع غزة والاستيلاء عليه لإنشاء ما أسماه "ريفييرا الشرق الأوسط" على غرار ساحل الريفييرا الفرنسي الإيطالي على البحر المتوسط، والذي يعد من أهم مناطق الجذب للسياح والأثرياء على مستوى العالم، وهو المخطط الذي لقي معارضة ورفضا واستهجانا عالميا، وأثار ردود أفعال من عديد من دول العالم شرقا وغربا، بمن فيهم حلفاء مع الكيان الإسرائيلي كفرنسا وبريطانيا وألمانيا، الأمر الذي يعكس مدى العنجهية الأمريكية والاستخفاف بالدول والأنظمة العربية، وعدم وضع أي اعتبار للقرانين الدولية والأعراف الإنسانية.
وأعلنت سلطات صنعاء الأربعاء الماضي استعدادها للوقوف بكل قوة لدعم كل من مصر والأردن في حال قررتا مواجهة مخطط التهجير لسكان غزة إلى أراضيهما وفقا لما صرح به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مناسبات عدة خلال الأيام الماضية، فيما تأتي المواقف العربية خجولة التي تتوقف كعادتها عند الشجب والإدانة لتعبر عن مدى هشاشة رد الفعل الذي لا يتناسب ولو بالحد الأدنى مع حجم التحدي القائم بعد الكشف عد السيناريو الذي تعد له أمريكا وإسرائيل في المنطقة العربية، والذي لا يقف عند فلسطين وحدها بل بات يهدد الدول المحيطة بها وفي المقدمة الأردن ومصر.
ومع إثبات قدراتها وفاعلية مشاركتها في مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة على مدى 15 شهرا، وإسهامها الكبير في انتصار غزة فإن موقف صنعاء المعلن عنه في مواجهة مخطط تهجير أكثر من مليوني فلسطيني من قطاع غزة إلى كل من مصر والأردن من شأنه أن يشكل عاملا مهما في إفشال مخطط ترامب، وهو ما تدركه أمريكا وإسرائيل وحلفائهما، كما تدركه الدول العربية المستهدفة في إطار هذا المخطط، الأمر الذي يمكن أن يفتح باب التواصل العربي مع صنعاء للعمل معا في أي مواجهة محتملة، وقد عبر عن ذلك نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي بصنعاء، العميد عبدالله بن عامر في تغريدة له على منصة إكس قال فيها إن " الجنون الترمبي وسع دائرة الاتصالات العربية مع صنعاء"، في إشارة إلى تصريحات ترامب حول مخطط التهجير للفلسطينيين.
ويمثل إعلان صنعاء عن قرارها الموقف العربي الطبيعي والمفترض من قبل جميع الدول والأنظمة العربية، ولا سيما بعد سياسة الأمر الواقع التي تحاول فرضها أمريكا وإسرائيل في قطاع غزة والضفة الغربية، والتي كشقتها تصريحات ترامب المتوالية عن مخطط تهجير سكان غزة والاستيلاء على أرضها، وكذلك حديثه عن إمكانية ضم إسرائيل للضفة الغربية ليتم بذلك تصفية القضية الفلسطينية من خلال جريمة التطهير العرقي التي لا تختلف عن جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني بدعم غربي طيلة أكثر من 70 عاما.